ذاكرة وأماكن !

غالبا ما ترتبط ذاكرتنا بالمكان والزمان فيكون لها وقع مميز ، عندما تنجح في امتحان ما ، عندما تطأ قدماك أرض مطار ما وأنت تسافر لتصل الى وجهتك وأنت منبهر بتفاصيل المكان ليرتبط بعدها بنفس الزمان من تاريخ ووقت في مخيلتك عندها تكون ذكرى ، عندما تعانق والديك قادما من غربة ، عندما يعانقك أطفالك وأنت قادم من الخارج ، عند لحظة الفرحة بلقاء حبيب وأنت تختلج مشاعر خالصة طيبة ودودة في حقة فيتزين الزمان والمكان في ذاكرتك كأنها أرجوحة وردية تذهب اليه وترجع الى قلبك ليخفق بهذا الوجد والغرام ، عندما تخرج من محنة وأنت صابر شاكر ساجد لربك .

دائما إختلاج هذه المشاعر في داخلك هي ما تكوّن ذاكرتك ، قد تكون مبهجة وقد تكون مؤلمة ولكن الفارق بين النمطين هو القفز فوق أسوار هذه الذاكرة عندما تكون ذكرى مؤلمة ، وأخرى محفزة اذا كانت سعيدة ومبهجة وهذه تحديدا ما يحبها كل إنسان ينبض بين جنبيه فؤاد انساني ، العالم يتألم بسبب ان انسانه يتألم من داخله لذلك ينعكس هذا الألم الى الخارج ليكون ظلم وحروب ومآسي واختلاف جبار يلجأ إنسانه الى ظلم ومحاربه أخيه ، وما تاريخ الأرض الا هو علامة من علامات تكوين هذا الانسان والدال على ألمه .

ليست ذاكرتنا هنا عن ألم الإنسان ولكنه جزء لايتجزأ من حياتنا ، لذلك دائما ما ترتبط ذاكرته بتفاصيل الزمان والمكان اذا كانت هذه الذاكرة سعيدة أو أليمة ، لكن الانسان عندما يريد أن يبتهج يسترجع الأحداث السعيدة في حياته عندما يريد أن يزود روحه بدفعة إيجابية تلون له الحياة ألقا وزيادة في التفاؤل ، لذلك من يتفاءل بالخير يجده ومن يحسن ظنه يجده عن حسن ظنه ، وكلها معاني مرتبطة بالتفاؤل وحب الحياة وحب الآخر، لأنك خلقت معه ومن أجله كما هو لك ، مسخر لحبك وخدمتك وتقديم العطاء اليك وهو تبادل أدوار بين بني الإنسان لعمارة الأرض وحياة الانسان على الوجه الأمثل .

لذلك ترتبط الأماكن بذاكرة ما مخزنة في عقلك الباطن ، تُستدعى عندما يهيجها هذا الارتباط العاطفي وتكون لك معنى ، تقفز به الأمام وتكون لك دفعة معنوية أما محفزة للأمام أو أخرى تتجاوز بها مآلات الماضي وتستفيد منها لما هو قادم ، ونوع آخر من الذكريات يكون كالأحلام تستدعي معه سعادتك كلما مردغتها الأيام بقسوتها وضغطها وآليتها ، حتى لو كنت في محيط يعج بالسرعة والضغط النفسي وايقاع حياة سريع ، تحب أن تستدعي معه من خلال ذاكرتك مكان ما هادئ ، فيه هواء عليل ونوع من زقزقة عصافير وقراءة كتاب تحت ظل شجرة ، بعيدا عن المشتتات الرقمية التى حاصرتنا في طياتها وجعلتنا تحت أسرها بإرادة وبدون إرادة ، فهي المخدرات الرقمية الغير محسوسة ، كافيين العصر الرقمي .

تحتاج حياتنا اليوم الى نوع من الهدوء وليس الهروب ، لأنه كلما هربنا توهج ذلك الاحساس بالراحة المؤقتة ، ونصطدم بعده بالواقع ولا نعرف بعده الى أين سوف نتجه ، لذلك مع مواجهة الواقع تحتاج الى عالم صغير يعيد اليك أنفاس حياتك بهدوء عبر استدعاء ذكرى سعيدة تلجأ اليها كلما حاصرك قلق مما هو آت أو ضايقك تصرف مما هو فات ، لنستدعيها فالحياة لها أجل وتستحق منا كل أمل نحييه فينا كلما مر علينا خاطر أو وجل .

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s