لعل 2020 كانت سنة مختلفة بكل المفاهيم ، ولم أتوقع وغيري أيضا أنها سوف تكون سنة مختلفة عندما نزلت أسفل البناية لأنظر الى جمال الألعاب النارية التى كانت تحيط بالمكان ، وعادة لا أحتفل بقدوم العام الجديد كمناسبة خاصة ولكنه احتفاء بالقادم الجديد من زاوية التفاؤل الجميل ، وأعتقد أنه لم يتوقع الجميع أنها سوف تكون سنة مختلفة تتغير فيها الأشياء والمعاملات ونظرتنا لطريقة الأكل والشرب والحرية وتنظيف الأيادي وحرية السفر وطريقة العمل ، ولعل معظم الذين مر عليهم الأجل في ذلك العام لم يكونوا يعتقدون أنهم المختارون عندما أحتفل العالم برأس سنة 2020 ، فسبحان الله من سخر فايروس صغير جدا ليضع العالم أجمع تحت رحمته ، ولحكمة من الخالق عزوجل .
لقد تغير الكثير علينا فيه ، وأهمها محيط شبكة الأنترنت الذي اتسع عبر العمل عن بعد والدراسة عن بعد والشراء عن بعد والتسوق عن بعد والمعاملات عن بعد ، لعله التكيف المطلوب الذي إتجه اليه البشر تفاديا للإحتكاك وتقليل نسبة العدوى بينهم وهي من المساهمات التى قللت بالأكيد انتشار العدوى في العام المنصرم ، لكن هناك مسألة عامة عمت وهي الاستغلال الغير أمثل لطريقة التسويق عبر الانترنت في نظري !!
موضة التسويق الإلكتروني وأقول إنها موضة لأن الجميع أحب الدخول إليها والبعض دعى إليها في ظل فقدان الوظائف وتوقف الأعمال العادية ، وليس التسويق العادي في العرض والطلب ، ولكنه تسويق التسويق الالكتروني الضارب في التشابه والذاتية مع الإستخفاف بالعقل ووقت الناس ، بالرغم أنه يصب في مصلحة الشركات الكبرى أساسا ، لأن معظم الأمثلة على التسويق الالكتروني بمعظم أفرعها تسوق لمنتجات صاحبة شركات كبرى سواء عبر العمولة أو نسب الأرباح أو عبر الاشتراك في عروضات معينة كالتسويق الشبكي والهرمي وغيرها ، توفر على الشركات الدفع للإعلانات العادية وتوفير تلك التكاليف بذكاء حاد .
ما دعاني للكتابة عن موضوع التسويق هي الفيديوهات المزعجة الاعلانية التى أراها على منصة اليوتيوب ثاني منصة بحث بعد منصة بحث قوقل ، حيث كلما فتحت فيديو عن شئ معين قفز إلي إعلان عن دورة تدريبية عن التسويق الالكتروني تصل بك الى 10000 دولار في الشهر ، تعلمك كيف تفتح متجر في دقائق وكيف تسجل في مواقع عالمية للبيع للعمولة ، أو أولئك الأذكياء من التجار فعلا الذين يرون الناس أرباحهم أو رؤوس أموالهم من خلال المنصات التى يتلقون عليها الأموال ، كعينات جذب باهرة لكل باحث عن الثراء وترى كل من هؤلاء يسوق للدروة التدريبية للناس على أنها جسر الأحلام للوصول الى الثراء والغنى بشكل سهل في معظمه ، بالرغم من أن نسب أرباحهم ومايعرضونه قد تكون حقيقية ولكن معظمهم قد بدأ في الأساس من 10 الى 15 سنة على الأقل في مجال التجارة الى ان تدرج الى التجارة الالكترونية ،و تكون رحلته مليئة بالربح والخسارة ، ولكن من لم يراعي فيهم الضمير والأخلاق يريك جانب الربح والأرباح الى أن تشترك أنت في هذه الدورة التدريبية وكأنها المفتاح الى الثراء ودحر الفقر ، هذا هو التسويق السيئ الذي لا يراعي فيه أن الناس مختلفين في طباعهم وميولهم وعقولهم وبيئتهم التى نشأوا فيها والظروف التى مرت عليهم واستغلال ظروف الفقر والعوز والحاجة التى لدى الناس ، وتلميع الأموال في أعينهم عبر المنصات المختلفة ليشتروا هذه الدورات التدريبية أو الكورسات المختلفة عن نفس البهرجة لكي يتسابق الجميع على شراء مفتاح الثراء عبر الكورس والانطلاق نحو المستقبل .
فقدان الوظائف والأعمال يؤدي قطعا الى فرض إيجاد بدائل، فعيش الانسان مربوط بدخله ومايكسبه ، وعليه ايجاد الوسائل اللازمة ليكسب دخلا يؤمن له العيش الكريم والمعيشة التى تؤمن له حياة كريمة ، أو زيادة دخله ولكن عليه كما أرى إيجاد الوسائل التى تحترم العقل وتراعي الأخلاق في ايجاد مصادر دخل له ، بعيدا عن استغلال حوجة وظروف الناس وتزين ما عندهم أنه المنقذ البديل لمصدر الأموال والكسب ، وهناك على الجانب الآخر أناس أتاحوا المعلومات لزيادة دخولاتهم بشكل مجاني مع الأخذ في الإعتبار ظروف و اختلاف الناس في تفكيرهم .
والمسؤولية في الأخير تقع على وعي وعقل الإنسان في التمييز ، لأنه زمن صعب جدا يتشابه فيه عليك الصحيح والخطأ حيث أصبحت كلها كأنها موضوعة في قدر الضغط العالي من الإعلانات والظروف المحيطة الوسائل المفتوحة من قنوات تلفزيونية ووسائل تواصل حديثة ، تحتاج فيه الى وعي وبحث لتميز بالأخير أين مصلحتك أنت من كل هذا ؟!