أحيانا تسيطر علينا قيود متخلية وأخرى مصطنعة ناهيك عن الطبيعية التى لا نستطيع السيطرة عليها ولا نقدر أن نتحكم فيها ، لكن معظم القيود التى تمنعنا في كثير من الأحيان من الإنطلاق هي قيود داخلية في عمق العقل اللاواعي الذي تتمركز فيه وتتخزن فيه الأحداث التى تمر علينا منذ الطفولة الى الكبر ، مرروا بالمراهقة والشباب .
أحداث الحياة متداخلة تكونها شخصايتنا مع نوعية التربية المتلقاة إضافة الى نوعية البيئة التى تؤثر عليك ، كلها تخلق مزيجا من الانفعالات والمشاعر التى تكون شخصيتك ، والتى تحتاج بعدها الى تدريب وجلسات نفسية لكي تعدل من وضعية هذه النقاط في عقلك الباطن لتعدلها كما تريد أن أنت أو كما يسمى تشكيل قوة الشخصية وسيطرتها على بيئتها المحيطة والانطلاق بها الى آفاق أرحب من النجاح والتفاؤل وملامسة عنان السماء .
كثيرا ما لمست في نفسي أنى لا احتاج أن أغير بيتي أو موديل سيارتي أو نوعية الملابس التى أرتديها لكي أنطلق نحو ما أريد ، مع أن هذه الأشياء مؤثرة نوعا ما في تجديد النشاط وتغيير الروتين الذي يمله الإنسان وتساعد في تجديد خلايا العين والدماغ في رؤية محيطات حوله تبعث فيه على النشاط من جديد . لكن هناك قوة دائما أكبر من هذه الأشياء هي قوة العقل الباطن الذي هو مخزن الانفعالات ومخزن المشاعر ومخزن المخاوف والقلق ، لأن به شريط حياتنا كل مررنا بمواقف مشابهه يستعيد العقل الواعي معها من مخزن العقل الباطن نفس الموقف ويبني عليه ردة الفعل وبناءا عليه نبنى جدر الخوف والقلق والارتياب . لذلك دوما ما أعجب بالمغامرين الذين دوما ما ينطلقون نحو الهدف دون خوف متردد وهو الذي يوقفك وتتحسر عليه وتجد بعد ذلك أن الحسابات التى ممكن أن توصلك لكانت لكن أوقفك الخوف والقلق .
يقول روبرت كيوساكي ، مؤلف الكتاب الجميل ” الأب الغني والأب الفقير ” :
لقد أحترفت التدريس منذ 1984 ، وبينما مثل لي التدريس خبرة ومكافأة عظيمتين ، كان يمثل لي مهنة مزعجة لأنني علمت آلافا من الأفراد ورأيت بينهم جميعا شيئا مشتركا ، بمن فيهم أنا !! فلدينا جميعا إمكانات عظيمة ، وبوركنا بعطايا شتى ، لكن ما يثنينا جميعا عن تحقيق ما نصبوا إليه هو درجة ما من درجات الشك في الذات ، فليس الإ فتقار البالغ للمعلومات التقنية هو ما يكبلنا ، ولكن نقص الثقة بالذات هو ما يفعل ذلك ، وهو فينا جميعا ولكن على درجات .
يعرف أغلبنا فور إنتهائه من المدرسة ، أن مدار النجاح في الحياة ليس متوقفا على درجته الجامعية ، ولا الدرجات الحسنة ، ففي الحياة الواقعية بعيدا عن الأكاديميات ، يتطلب منك تحقيق النجاح شيئا أكثر من الدرجات الحسنة ، هذا شئ ينعته الناس ” بالشجاعة ” أو ” الجرأة ” أو ” التهور ” أو التبجح ” أو ” البراعة ” أو ” العناد ” أو ” الذكاء الحاد ” فهذا العامل أيا كان إسمه هو في النهاية ما يحدد مستقبل الفرد أكثر مما تحدده له درجاته المدرسية . انتهى .
معظم الرسائل التى تمر علينا في حياتنا هي ملامح تمر على عقولنا وقلوبنا ، ولكن ما يلامسها هو ما نهتم به وما يثير فيها تلك النقطة من الاهتمام الخفي والذي يكبر مع مرور الزمن ومرور الأحداث والشخصيات التى تؤثر فيها والتى تجعلها صانعة قرار لنفسها ولمحيطها التى تتمتع بتوفره فيها .
اليوم تتداخل الكثير من المؤثرات في قرارتنا والتى أراها وسيلة ضغط خفية بسبب التداخل الرهيب لعالم اليوم عبر الوسائط المختلفة والسهلة التى نمر عليها كل يوم كل لحظة كل ثانية الا من أوجد لنفسه حائط صد في تحكيم العقل والتفكير مع تدخل القلب بحكمته وبصيرته لوضع النفس في المسار الصحيح ، والقيود ليست دائما عائق ولكنها في بعض الأحيان وسيلة حماية ضد الاختراق ، قد لانعرف منها الحكمة في حينها ولكن مع مرور الوقت واتساع العين البصيرة ، سوف نرى أنه كان خيرا هذا القيد . وأخرى هي مكبلة بسبب إنغلاق العقل والقلب حول مفهوم دائرة الأمان ، مع أن هذا المفهوم في نظرى قد عُرف تعريفا غربيا بحت اليوم ، في تناوله لمفهوم الأمان النفسي والعاطفي تجاه الأشياء والبيئة المحيطة.